خرافة "الانتاجيّة المستمرة": ما أهميّة أخذ أيام استراحة؟

الآن، وفي أكثر من أي وقت مضى، يبدو الأمر كما لو أن العالم يقدّس الإنتاجية المستمرة والحماس الذي لاينقطع، ولهذا السبب، من السهل الوقوع في فخ بأن كل يوم يجب أن يكون يومًا مليئًا بالطاقة والإنجاز؛ وأن نشعر بالفشل إذا لم نكن كذلك، ولكن ماذا لو قلنا لك أن فكرة الحماس الذي لا ينقطع هي خرافة؟ في هذه المدونة، سنكشف هذه الخرافة، ونسلط الضوء على أهمية أخذ فترات من الراحة لعدة أيام، سنكتشف كيف تمر فترات "اللامبالاة"، ولماذا تعتبر التقلبات داخلنا وحماسنا المتذبذب جزءًا طبيعيًا تمامًا من التجربة الإنسانية.

 

غالبًا ما يضع المجتمع توقعات غير واقعية لنا كي نبقى متحفزين ومنتجين بشكل مستمر، فمثلًا: تعرض وسائل التواصل الاجتماعي قصص النجاح وتسلط الضوء على الأحداث تلك باستمرار، مما يعطينا تصوّرًا خاطئًا بأن الجميع دائمًا في ذروة أدائهم ونجاحهم، لكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة، فإذا كنت تشعر بالإحباط باستمرار، فمن المهم أن تذكر نفسك بأن ما تراه على وسائل التواصل الاجتماعي هو مجموعة مختارة بعناية من أفضل لحظات الأشخاص في حياتهم؛ حيث يُظهرون للعالم فقط ما يريدون منا أن نراه، إن قضاء بعض الوقت بعيدًا عن وسائل التواصل الاجتماعي والتخلص من السموم هذه، يمكن أن يصنع المعجزات في حياتك ويخفّف عنك عبء التوقعات غير الواقعية.

 

على عكس ما تريدنا هذه الخرافة أن نصدقه، فإن الأيام التي نشعر فيها باللامبالاة أو بانفصال في مشاعرنا، هي جزء طبيعي تمامًا من حياتنا وتجربتنا الانسانيّة، فعندما تشعر بهذه الطريقة، من المهم أن تتذكر أن هذه المشاعر مؤقتة، مراحل اللامبالاة ليست حالات دائمة، ولا تحدد قيمتك أو إمكاناتك، الحياة عبارة عن سلسلة من المد والجزر، مثل المد والجزر في المحيط تمامًا، تتقلب مستويات حماسنا وطاقتنا بشكل طبيعي، في بعض الأحيان نحلّق عاليًا على موجات من الإلهام، وفي أحيان أخرى نجد أنفسنا أكثر هدوءًا، وكل مرحلة لها أدواتها، وتساهم في نمونا الشخصي ورفاهنا النفسيّ، إذا شعرنا بانعدام في طاقتنا، فهذا لا يعني أننا مخطئون أو سيئون بأي شكل من الأشكال، فالمشاعر المتقلبة هي جزء من التجربة الإنسانية.

 

بدلاً من النظر إلى تلك الأيام على أنها غير منتجة أو ضائعة، اعتبرها فرصًا للهدوء والتأمل وإعادة شحن طاقتك، فيمكن أن تكون لحظات التحفيز المنخفضة هذه إشارة من جسدك وعقلك إلى أنك بحاجة إلى الراحة والاستجمام، التوازن هو المفتاح لحياة صحيّة وسعيدة، مثلما تحتاج أجسادنا إلى الراحة بعد المجهود، تحتاج عقولنا إلى لحظات من الهدوء بعد فترات من التركيز الشديد، وتوفر أيام اللامبالاة هذه الفرصة لإعادة التوازن في حياتنا.

 

تعمل هذه الخرافة على إدامة التوقعات غير الواقعية بأننا يجب أن نكون دائمًا مليئين بالحماس والإنتاجية، ومن الضروري أن نفهم أن الأيام الهادئة تلك وتقلبات حماسنا وانتاجيتنا، ليست علامة على الفشل، إنهم جزء من هذه التجربة، وتذكّر أن هذه الفترات ستمر، وأنها جاءت تخدمنا في جزء من حياتنا، تقبّل هذه الأيام، واعتبرها فرصة للرعاية الذاتيّة والهدوء والتجديد، ومحطتك لترتاح في رحلة الحياة هذه، وهذا بدوره يمنحك القوة للأيام الأكثر القادمة التي تتطلب منك نشاطًا أكثر. لذا، في المرة القادمة التي تجد فيها نفسك في حالة ركود، فلا بأس بذلك، هذا هو إيقاع الحياة الطبيعي، استمتع بكل لحظاتك.