العناية بالنفس في عمق الاكتئاب

الاكتئاب حالة يواجهها كل يوم أكثر من 280 مليون شخص في جميع أنحاء العالم (وفقًا لمنظمة الصحة العالمية)، إنها ليست مجرد نوبة حزن مؤقتة، ولكنها حالة معقدة يمكن أن تحرمك من طاقتك، فرحك، وحافزك، في هذه اللحظات المظلمة، قد تبدو ممارسة الرعاية الذاتية بمثابة تحدي لا يمكن التغلب عليه، ولكن خلال هذه الأوقات بالتحديد تصبح الرعاية الذاتية أكثر أهمية، ليس بالضرورة أن يكون روتينًا ثقيلًا، لكن الأمر يتعلق بأفعال صغيرة من التعاطف واللطف مع النفس التي يمكن أن تساعدك في العثور على بصيص من الأمل حتى في أعماق اليأس.

 

الخطوة الأولى في ممارسة الرعاية الذاتية عندما تكون مكتئبًا هي الاعتراف بمشاعرك، من الطبيعي أن لا نكون على ما يارم في بعض الأحيان، قد يكون من السهل الوقوع في فخ الحديث السلبي عن النفس عندما نصاب بالاكتئاب، فنقول لأنفسنا إننا أغبياء، أو كسالى، أو أننا نحتاج فقط إلى "استجماع قوانا"، وإذا وجدت نفسك تفعل هذا، فتحدى نفسك بدلاً من ذلك، أن تعامل نفسك كما تعامل صديقًا محتاجًا لك وتزوده بالتعاطف والتفهم. إن تعزيز التعاطف مع الذات هو الخطوة الأولى والأكثر أهمية في ممارسة الرعاية الذاتية أثناء الاكتئاب؛ إذا أظهرنا لأنفسنا التعاطف الذي نستحقه، فمن المرجح أن نكون متحمسين لرعاية أنفسنا.

 

يمكن أن يوفر إنشاء روتين يومي بسيط إحساسًا بالاستقرار، حتى في عمق الاكتئاب، وممارسة الرعاية الذاتية لا يجب أن تكون عملاً عظيماً، حدد لنفسك أهدافًا صغيرة قابلة للتحقيق لكل يوم، مثل النهوض من السرير، أو الاستحمام، أو تناول وجبة مغذية، واحتفل في كل مرة تحقق فيها هذه الأهداف، لا يوجد أي عمل من أعمال الرعاية الذاتية صغيرًا، فإن كل عمل هو كبير بتأثيره على نفسك!

لذا تذكر أن تهنئ نفسك على فعل ما تستطيع أثناء مواجهة الاكتئاب.

 

قد تكون محاولة الحفاظ على نظام غذائي صحي ومتوازن مع وجبات منتظمة أمرًا صعبًا للغاية عند الشعور بالاكتئاب، ولكنه جانب مهم للغاية من الرعاية الذاتية، حاول إبقاء مطبخك مليئًا بالخيارات الصحية والجيدة، مثل الخضار المقطعة مسبقًا والفاصوليا المعلبة والفواكه المجمدة والحبوب الكاملة مثل الكينوا أو الأرز البني. إن وجود هذه العناصر الأساسية في متناول اليد يجعل من السهل إعداد وجبة مغذية دون بذل الكثير من الجهد، وفي الأيام التي يكون فيها شعورك جيد، فكر في طهي دفعة من الطعام وتجميدها لوقت لاحق، بهذه الطريقة، يمكنك الحصول على وجبات صحية جاهزة عندما لا تكون مستعدًا للطهي.

 

غالبًا ما يعطل الاكتئاب روتين النوم، مما يجعل من الصعب الحصول على الراحة التي تحتاجها، ولمواجهة هذه الاضطرابات، قم بإنشاء روتين قبل النوم يتضمن أنشطة مهدئة مثل تمارين التمدد اللطيفة أو القراءة، قم بخلق أجواء نوم مريحة في غرفة نومك، خالية من التشتيت والازعاج، والأهم من ذلك، هو الحد من وقت استخدام الأجهزة الإلكترونية ومواقع التواصل قبل النوم، حيث أن الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يمكن أن يؤثر مع دورة النوم الطبيعية، وبلا شك فإن النظافة الجيدة تساعد على تحسين جودة نومك، وهو أمر بالغ الأهمية لرفاهيتك بشكل عام، خاصة عند التعامل مع الاكتئاب.

 

تعني الرعاية الذاتية أيضًا التعرف على الوقت الذي تحتاج فيه إلى مساعدة متخصّصة، يتم تدريب مستشاري "تكلّم" المعتمدين على تقديم الدعم والعلاج اللازم للتعامل مع الاكتئاب، وتذكر أن الرعاية الذاتية ليست حلاً سحريًا للاكتئاب، إنها عملية تستغرق وقتًا وصبرًا، احتفل بالانتصارات الصغيرة واعترف بجهودك، مهما بدت بسيطة.

 

في الختام، الرعاية الذاتية أثناء الاكتئاب لا تعني أن تقوم بأعمال عظيمة؛ يتعلق الأمر بأفعال اللطف والرحمة الصغيرة والمنتظمة التي تقدمها لنفسك، في أصعب لحظاتك، يمكن لهذه الممارسات أن تعطيك بصيصًا من النور والأمل، تبنّى الرعاية الذاتية كجزء من رحلة الحياة، وكن لطيفًا مع نفسك وأنت في الطريق نحو الشفاء والتعافي، فأنت تستحق ذلك!